مليونا عامل يعيشون بـ18 ألف دينار شهريا! في جزائر العزة والكرامة
يعود الاحتفال باليوم العالمي للعمال كل سنة بوعود جديدة وأرقام "مرضية" للمسؤولين تخفي وراءها مأساة يكابدها أزيد من مليوني عامل جزائري يستعبدون بأجور زهيدة، منهم 800 ألف ينتمون لعقود ما قبل التشغيل والشبكة الاجتماعية يتقاضون أجورا تتراوح مابين 12 و15 ألف دينار، ومليون عامل في الوظيف العمومية يتقاضون أقل من الحد الوطني الأدنى من الأجور باعتراف النقابات، بالإضافة إلى 200 ألف جزائري يشتغلون في القطاع العام دون تأمين ولا شهادات وبأجور زهيدة، ويضل إلغاء المادة 87 مكرر يطبق بالتقطير في زمن التقشف، ما يجعل الطبقية تتجسد أكثر في المجتمع الجزائري الذي تتلاعب فيه شريحة بالملايير وتستفيد طبقات عمالية محضوضة بأجور "الأحلام" فيما يعاني غالبية العمال من الاستعباد بأجور لا تضمن الكرامة..
في وقت حدد فيه المختصون أجر الكرامة بـ 5 ملايين شهريا
مليونا عامل يستعبدون بأجور تقل عن 18 ألف دينار..!
اعترف الأمين العام للاتحاد الوطني للعمال الجزائريين عبد المجيد سيدي السعيد أن مليون عامل في الوظيف العمومي يتقاضون أجورا تقل عن 18 ألف دينار، وهذا ما يجعل إلغاء المادة 87 مكرر حسبه بمثابة المنقذ لهذه الشريحة، في حين كشف الأمين العام لنقابة مستخدمي الوظيف العمومية مراد شيكو أن غالبية عمال القطاع العام يتقاضون أجورا زهيدة وصفها بالفضيحة والتي لا تتجاوز 18 ألف دينار، وبالرغم من تحسين أجور العديد من القطاعات على غرار الأساتذة والأطباء والصحفيين ورؤساء المصالح والدوائر .. غير أن 65 بالمائة من عمال الوظيف العمومية في مقدمتهم عمال الجماعات المحلية يتقاضون أجورا زهيدة، في حين يتقاضى 800 ألف حامل منضوين في عقود ماقبل التشغيل والشبكة الاجتماعية أجورا تتراوح مابين 12 ألف و15 ألف دينار، وهذا ما يعزز الفوارق الاقتصادية والاجتماعية بين العمال ويعزز من تفشي الطبقية بين أفراد المجتمع.
وبالرغم من إلغاء الحكومة رسميا للمادة 87 مكرر غير أن الزيادات في الأجور لم تكن في مستوى تطلعات العمال، خاصة وأن هذه الزيادات شملت شريحة محدودة وبالتقطير ويقابلها تقليص قيمة المنح الاجتماعية بنسبة 50 بالمائة، ويأتي هذا في وقت حددت فيه الفيدرالية الجزائرية للمستهلكين أجر الكرامة بـ 5 ملايين سنتيم شهريا، وهذا ما يعني حسب تقرير الفدرالية أن أغلب موظفي القطاع العام يعيشون بأجور لا تضمن كرامتهم.
المنسق الوطني للمنظمة الوطنية لشباب حاملي الشهادات بولسينة محمد:
حاملو شهادات "ليسانس" يتقاضون 9000 دج شهريا
طالب المنسق الوطني للمنظمة الوطنية لشباب حاملي الشهادات والتي كانت تسمى سابقا اللجنة الوطنية لعقود ما قبل التشغيل والشبكة الاجتماعية محمد بولسينة، بإلغاء عقود ما قبل التشغيل بأصنافها الثلاثة حاملي الشهادات، عقود الإدماج المهني، عقود الذين لا يحملون شهادات، وتخصيص منحة البطالة للشباب لحين العثور على مناصب عمل تتوافق مع شهاداتهم وتكوينهم لقطع الطريق أمام مستغلي هذه الفئة المهنية خاصة وأن الوزراء المتعاقبين لم يتمكنوا من إيجاد حلول نهائية لهذا الملف.
واعترف المتحدث أن هذه الفئة والمقدرة بـ 800 ألف شاب يعملون يهذه الصيغة "أنام" و"لاداس" في قطاعات مختلفة كالوظيف العمومي، الخواص والقطاع الاقتصادي العمومي، يتخبطون في مشاكل عديدة أهمها "البيروقراطية" في تسليم الشباب عقودهم والتماطل في تجديدها عليهم المؤسسات الخضوع لنفس قانونها والالتزام به ويتقاضون مرتبات شهرية غير كافية حيث تتراوح المرتبات مابين 15 ألف و12 ألف دينار بالنسبة لحاملي الشهادات "أنام"، و9 آلاف دينار بالنسبة لحاملي شهادة ليسانس العاملين بصيغة "لاداس"، ويتعرضوا العاملون ضمن عقود ما قبل التشغيل حسب المنسق الوطني للمنظمة للبيروقراطية، التحرش، الاستغلال وتزداد معاناتهم لعدم احتساب سنوات العمل والخبرة والتقاعد.
عُضو المكتب التنفيذي للنقابة المستقلة لمستخدمي القطاع العمومي تشيكو مراد:
أغلب عمال الوظيف العمومي يتقاضون أجورا تقل عن 18 ألف دينار
استنكر عُضو المكتب التنفيذي للنقابة المستقلة لمستخدمي القطاع العمومي (سناباب) مراد تشيكو للشروق، التماطل الذي تُبديه الحكومة إزاء إلغاء المادة 87 مكرّر، مُؤكدا أن نقابتهم لن تسكت على هذه الوضعية، في ظل التدهور الكبير للقدرة الشرائية للمواطن الجزائري، "لدرجة أصبحت الجزائر - أضحوكة - مقارنة مع بلدان جارة في قطاع الأجور... غيرَ ممكن بمداخيلنا وقوتنا الاقتصادية ونسبة شبابنا، ولا زلنا لم نجد حلا جذريا لهذا المشكل".
وحسب محدثنا أكبر شريحة من العمال في الجزائر تتقاضى أجرا أقلّ من الأجر القاعدي، ومعظمهم شباب وحاملو شهادات عليا، يعملون في القطاع العمومي والاقتصادي، حيث يتلقّوْن أجورا بين 12 و15 ألف دج، ويضيف "لا حاجة لنا الآن ببقاء المادة 87 مكرر بعد تحسن الوضعية الاقتصادية للجزائر عن سنوات التسعينات، وامتلاء الخزينة العمومية لدرجة مسحت الجزائر ديون بلدان إفريقية، إذاً عليها الالتفات للطبقات الهشة من العمال، وتمكينهم من أجرة محترمة تُحسّن وضعهم المعيشي"، وتطرّق تشيكو لمشكل عدم إحترام القوانين" في الجزائر لدينا ترسانة من القوانين، لو أطّلع عليها أجنبيّ لقال إن بلدنا يعيش في استقرار اقتصادي واجتماعي وسياسي، والحقيقة أنها قوانين على الورق فقط، وأبسط مثال لماذا لم يطبق إلى اليوم قانون إحالة العامل أكبر من 60 سنة على التقاعد مهما كان منصبه، رغم سنّ القانون منذ أكثر من سنة،
الخبير الاقتصادي " كمال رزيق":
"الحد الأدنى لأجر الزوجين العاملين يجب أن يتعدى 10 ملايين
اضطرت الظروف المعيشية بعض الزوجات للخروج إلى العمل، بغية مساعدة شريك الحياة على ضمان حياة كريمة لأسرتهما الصغيرة، وبالرغم من الصعوبات التي تواجه الزوجين العاملين معا إلا أنهما يحاولان جاهدين الاستمرار على نفس الوتيرة، حتى يوفرا لأبنائهما كل ما يحتاجون إليه من مصاريف دراسية وملابس وغيرها، إلا أن الأجور المتدنية التي تتقاضاها النسبة الأعظم من شريحة العمال والتهاب الأسعار لا يمكن أن توفر حتى الاحتياجات الغذائية في ظل التطورات الحاصلة في الحياة الاجتماعية.
وفي هذا الإطار أكد "كمال رزيق" خبير اقتصادي أن الحد الأدنى للأجر الذي يمكن أن يحقق عيشا كريما للزوج والزوجة العاملين إذا ما جمعا راتبيهما الشهري يجب أن يتجاوز مائة ألف دينار جزائري، قائلا أن الأجور الحالية الاسمية هي أجور متدنية بالمقارنة مع المستوى المعيشي، بما أنها لا تكفي حتى لقضاء يوم أو يومين في فندق "خمس نجوم"، وأرجع محدثنا أسباب تدهور المستوى المعيشي للعائلة بالرغم من عمل الزوجين معا، إلى تضخم المجتمع، حيث أن ارتفاع أسعار كل المواد الاستهلاكية، جعل الأجور التي يتلقاها الزوجان العاملان متدنية حتما.
حقوقيون يتخوفون من تحديد مدة العمل في التعديل الجديد
600 قضية أسبوعيا في المحاكم لعمال يطالبون بالتأمين الاجتماعي
أصبحت المحاكم الجزائرية في فرعها الاجتماعي، تعج بقضايا المطالبة بالتامين في العمل، حيث يؤكد المختصون في القانون، أن 90 بالمائة من هذه القضايا تتعلق بمجال البناء، والورشات.
وأكد الأستاذ حسان براهمي، محامي لدى المحكمة العليا، أن أغلب القضايا المتعلقة بالمنازعات الفردية للعمل في المحاكم يتم الفصل فيها في آجال قصيرة جدا لصالح العامل، غير أن الكثير من العمال الذي يشتغلون في ورشات خاصة أو في مجال البناء لا يعرفون القانون مما يجعلهم يضيعون حقوقهم.
وأوضح أن الحكم النهائي تنفيذي يلزم صاحب العمل بإدماج الضحية أو تأمينه وتعويضه بأثر رجعي، كما أن قضايا المطالبة بالتأمين تبقى سارية في المحاكم حتى في العطلة القضائية.
وكان وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، محمد الغازي، قد حذر المؤسسات التي لا تصرح بعمالها، ولا تؤمنهم اجتماعيا، مشيرا إلى أن هناك لجان تفتيش يتم إرسالها لهذه المؤسسات، وفي حالة وجود عمال غير مؤمنين يتم مقاضاة صاحب العمل، حيث كشف الديوان الوطني للإحصاء في نهاية 2014، وجود 42بالمائة من العمال في الجزائر غير مؤمنين اجتماعيا.
ويرى المحامي حسان براهمي، أن هناك مئات القضايا المتعلقة بالتأمين الاجتماعي للعمال لها علاقة بمشروع الطريق السريع الذي طرح أمام المحاكم، حيث أكد أن محكمة الأخضرية بالبويرة، تتناول أسبوعيا 600 قضية في القسم الاجتماعي تخص أشخاص عملوا على مستوى الطريق السريع في شطره المار بولاية البويرة، وهم إما بناؤون، أو حدادون، أو حمالون وغيرها من المهن البسيطة، حيث تكبدت حسبه الشركة الصينية الملايين لتعويضها لهؤلاء.
قوانين عمل حبر على ورق وعمال لا يعلمون بها
قسنطيني: 60 بالمائة من المؤسسات لا تطبق قانون العمل
يرى فاروق قسنطيني، رئيس اللجنة الوطنية لترقية وحماية حقوق الإنسان، أن هناك بنودا في قانون العمل لا يعرفها العامل ولا تحترمها بعض المؤسسات العمومية والخاصة، مشيرا إلى أن المؤسسات الخاصة بالبناء والورشات لا تطبق أكثرها مبادئ حماية العمال.
وأكد قسنطيني أن 60 بالمائة من القوانين الخاصة بالعمل لا تحترمها المؤسسات الخاصة حيث أوضح أن الطب والحماية والنظافة شروط هي حبر على ورق لا يسمع بها حتى الموظف أو العامل، وحق الإطعام وحق النقل والتي إذا لم تتوفر فإن قيمتها المالية تدرج في كشف الراتب.
قال قسنطيني، إن القانون يلزم صاحب المؤسسة التي تنشط في مجال الحفر أو المواد الكميائية أو الحرارة المرتفعة، أن يخضع العامل بصفة دورية للمراقبة الطبية، وهو شرط لا تلتزم به الكثير من المؤسسات الخاصة في الجزائر رغم أن القانون يعاقب عليه بجنحة وغرامة مالية.
وفيما يخص الحماية والأمن، أكد رئيس اللجنة الوطنية لترقية وحماية حقوق الإنسان، أن الكثير من حوادث العمل المميتة سببها انعدام هذين الشرطين، حيث توجد حسبه مهن تتعلق بالنظافة أو بسقوط التربة والحجارة أو الحفر ولا توفر المؤسسة للعامل القفازات والأحذية المناسبة للوظيفة، ولا أغطية للرأس أو واقيا للوجه أو العينين، وهي - يقول - مشاكل لا يزال العامل الجزائري يعاني منها وتنتهك حقوقه وكأنه في عهد الإقطاع.
ونبه قسنطيني لنقطة أخرى تتعلق بحق الإطعام، والنظافة، حيث قال إن مؤسسات خاصة تدعي أنها مؤسسات محترمة وهي لا تحترم حتى موظفيها، لانعدام المطاعم والمراحيض، ورغم ذلك لا تعوض عمالها بالقيمة المالية لذلك في كشف الراتب الشهري.
مشروع قانون العمل مرفوض من الشركاء الاجتماعيين لتكريسه تعسف أرباب العمل
رفضت معظم النقابات عبر القطاعات العمومية والاقتصادية مشروع قانون العمل، المطروح حاليا للدراسة على مستوى المجلس الشعبي الوطني، مُعتبرين أنه يكرس لسياسة التعسف وتسلط أرباب العمل، مقابل هضم حقوق الطبقة العاملة.
وفي هذا الموضوع استنكرت نقابة (سناباب) مشروع القانون مطالبة بإلغائه كليا، وحسب عضو المجلس التنفدي "المشروع ركز على فرض على طريقة العقوبات وتكبيل النشاط النقابي، ونحن رفضناه، لأنه يقصي حقوق الطبقة العمالية، ويعطي حقوقا للإدارة أو رب العمل على حساب النقابة العمالية الممثلة لشريحة العمال، وبالتالي هو لم يعط حرية للعامل للتعبير عن مشاكله، نطالب بالغائه وفتح حوار مع كل الشركاء الأجتماعيين، واللجوء الى القاعدة العمالية لصياغة قانون يقبله الجميع، ويحفظ حقوق العمال المكفولة دستوريا طبقا للاتفاقيات الدولية"، وبدورها طالبت النقابة الوطنية لعمال التربية بالتعجيل في فتح قنوات حوار ونقاش حول قانون العمل المطروح للمصادقة عليه.
مسيرة نقابية بولاية تيزي وزو احتفالا بعيد العمال
قرّرت الكنفدرالية العامة المستقلة للعمال في الجزائر، أحياء اليوم العالمي لعيد العمال المصادف كل سنة ليوم الفاتح من ماي بولاية تيزي وزو، حيث قرّر المشاركون تنظيم مسيرة عمالية بالمدينة تنطلق من ساحة البلدية سابقا، للتنديد حسب بيان تلقته الشروق بالوضعية الكارثيّة للعامل الجزائري، والدفاع عن حقه في الحياة الكريمة، مع مراعاة حقوق المتقاعدين، والدفاع عن حرية ممارسة الحقوق النيابية.
ويضيف البيان أن الكنفدرالية تطالب بالإفراج عن جميع الناشطين النقابيين المعتقلين والمدافعين عن حقوق الإنسان، والعاطلين عن العمل، وإيقاف الدعاوي القضائية، وإعادة إدماج النقابيين الموقوفين أو المطرودين، وأيضا التأكيد على إلغاء المادة 87 مكرر، توسيع الاتفاقيات الجماعية للقطاع العام والخاص، إعادة النظر في قانون الوظيف العمومي والقوانين الخاصة، رفض مشروع قانون العمل الجديد الذي يكرس - حسب البيان - لسياسة العمل الهش، وعدم حمايته للعمال والمنظمات النقابية.
المصدر: جريدة الشروق
تعليقات
إرسال تعليق