جريدة الشروق تكتب: "لله.. خديمة يا محسنين"!
مع كل معرض أو صالون يكون عنوانه "التشغيل والتوظيف".. يتوافدون من كل ولايات الوطن.. حاملين معهم عشرات "السيفيهات" وعينهم على وظيفة في تلك المؤسسات التي تجذب شعاراتها كل خريج راغب في دخول عالم التشغيل بعد سنوات من الدراسة.
عشرات الشابات والشبان من خريجي الجامعات والمعاهد التقيناهم بصالون المواهب والتشغيل لطبعته 2016 الذي اختتم فعالياته السبت الفارط، بقصر الثقافة بالعاصمة.. الطلب واحد "تخرجنا من الجامعة فهل نجد وظيفة عندكم". فتجميد الحكومة لمسابقات التوظيف في القطاع العمومي، جعل الآلاف من خريجي الجامعات يطرقون أبواب المؤسسات رغم "ما يقال" عن القطاع الخاص في الجزائر الذي لا يزال مرتبطا للأسف بقلة الراتب وأحيانا انعدام التغطية الاجتماعية.
في جولة لنا عبر الصالون وعند اقترابنا من بعض المؤسسات المشاركة التي بلغ عددها 54 مؤسسة في صالون المواهب والتوظيف من بنوك ومؤسسات وطنية للمواد الغذائية وفي الطاقة والحديد وغيرها.. رصدت أعيننا شبانا "بأبهى حلتهم" في الاستقبال مهمتهم الترويج لمؤسساتهم، وتقديم شروحات عن الخدمات التي تقدمها مؤسساتهم وكذا الوظائف التي يرغبون بها.
أمر يجعل خريجي الجامعات "يطمعون" في "خديمة".. ويضعون "أطنانا" من طلبات العمل لا تعد ولا تحصى تدخل مكاتب تلك الشركات وينتظر أصحابها سماع "رنة هاتف... ألو نريدكم على الساعة كذا من أجل لقاء عمل".
6 آلاف عند سيفيتال و3 آلاف في مكتب "إمتال".. و1500 في "لانام"
تؤكد الآنسة ياسمين لعلام، المكلفة بالتشغيل في مجمع "سيفيتال" أن الأخيرة تلقت في ظرف 72 ساعة 6 آلاف سيرة ذاتية لخريجي الجامعات الراغبين في الالتحاق بهذا المجمع الذي يعتبر الظفر بمنصب شغل به "فرصة من ذهب"، مشيرة إلى أن السيرة الذاتية التي تؤخذ تخضع للفرز ليتم الاتصال بالمعنيين في كل مناسبة تحتاج فيها شركة ربراب إلى العمال.. التي تضع على رأس أولوياتها الخبرة.تقربنا من شركة "Azadea" التي تعد ماركة عالمية في البيع بالتجزئة على غرار الأزياء وإكسسوارات ومفروشات منزلية، والموجودة بـ15 بلدا فجذبنا الشعار الذي تم اختياره "أظهر قدراتك إن حياتك المهنية معنا.. نحن موجودون من أجل تأمين طريقة حياة مسلية ومثيرة لزبائننا وموظفينا.."، هناك يقف عدد كبير من الموظفين لوضع أكثر من ألف طلب عمل، في ثلاثة أيام -يقول- علاء الدين كناوي، مسؤول التكوين والتطوير ويؤكد أن الإقبال كبير جدا على الصالون وأن الراغبين في العمل بهذه الشركة أكبر.
وقال كناوي، إن المعايير التي يتم اتخاذها في التوظيف، الخبرة بالإضافة إلى اللغات وكذا الخبرة أيضا، مشيرا إلى أن الاتصال بطالبي العمل يكون بعد فرز الطلبات. مجمع الصناعات المعدنية والصلب "إمتال" أيضا تلقى 3 آلاف طلب عمل، فضلا عن تلك التي تأتيه عبر البريد الإلكتروني.
الوكالة الوطنية للتشغيل "لانام" كانت حاضرة أيضا وتقول السيدة بودية ليلى، المكلفة بالاتصال إنها تلقت 1500 طلب عمل، في ظرف ثلاثة أيام، حيث سيتم تصنيفهم وتوجيه كل الطلبات على شكل قوائم، وتأتي مشاركة الوكالة بشعار "أيها المستخدمون في القطاع الاقتصادي اشتغلوا في إطار عقد العمل المدعم استفيدوا من تحفيزات مختلفة".
ولم تقتصر المشاركات في الصالون على المؤسسات فقط، بل حتى مدارس التكوين ومراصد إدماج خريجي الجامعات على غرار مرصد إدماج جامعة باب الزوار الذي يعمل على ربط علاقات بين المتخرجين والمؤسسات الباحثة عن موظفين مقدما في ذلك ضمانات على طلبته، ويقول فروخي مرزاق، مسؤول المرصد إن الأخير يعمل على توفير مناصب عمل لخريجي الجامعة خاصة في تخصصي بيولوجيا، الطاقات المتجددة، التي تعد تخصصات من الصعب على دارسيها الظفر بمنصب شغل فيها، وقال محدثنا إن المرصد سيقوم بتنظيم منتدى أيام مفتوحة على التوظيف والتربصات، ولا يتواصل المرصد عن طريق المناسب� �ت الرسمية فقط بل حتى في العالم الافتراضي، حيث له صفحة على الفايسبوك تحتوي على 4502 مشترك.
تلك عينات فقط رصدناها لكن ما شد انتباهنا ونحن نغادر الصالون سماع "تمتمات" المتجولين وهي تقول .."لا أعتقد أنهم سيتصلون بنا أصلا فهذه الصالونات مجرد برتوكولات وإشهار للمؤسسات العارضة، قبل أن يقول آخر من الجهة المقابلة وهو يضحك ..لا تتفاجأ إن وجدت نفسك في سلة المهملات يقصد سيرته الذاتية"؟
مدير الصالون: ممنوع المشاركة من دون توظيف.. والمتعاملون ملزمون بتصريح شرفي
وأحصى مدير صالون المواهب والتوظيف بن مصباح سعيد، في حديث لـ"الشروق" 15 ألف زائر للمعرض في غضون ثلاثة أيام فقط، وعشرات آلاف المشاركين عبر الأنترنت، كلهم توافدوا على 54 مؤسسة مشاركة في مختلف القطاعات والتخصصات، معتبرا هذا الصالون أكبر ملتقى للمترشحين طالبي العمل من جميع المستويات، والفئات والقطاعات سواء الموظفين، أم شركات الاستشارة، وحتى الشركات الباحثة عن المهارات.ولفت المتحدث إلى أن صالون المواهب والتشغيل يبقى معروفا جدا، بحكم أنه مبرمج عبر أربع طبعات بكل من قسنطينة، وهران، العاصمة وورقلة.
وعن متابعة القائمين على الصالون لحقيقة التشغيل، أكد المتحدث أن المنظمين أضحوا يجبرون الشركات المشاركة على التصريح بعدد المناصب المفتوحة، بالنظر إلى أن الصالونات الماضية، تحولت إلى طبعات لدفع طلبات العمل دون تشغيل و"إشهارية"، حيث تبقى هذه الأخيرة مجرد حبر على ورق، وحتى لا يكون الصالون مجرد برتوكول أو عرف فقط.
وعن الإحصائيات الخاصة بالتوظيف، قال المسؤول، إن الشركات هي التي تحدد العدد، لكن الصالون يتيح الفرصة لربط المؤسسات بالراغبين في الظفر بوظيفة، والهدف بلوغ نسبة مئوية عالية، يضيف مدير الصالون.
5 بالمائة فقط من شهادات الليسانس مهنية
وتشير الإحصائيات الأخيرة للمجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي أن 5 بالمائة من شهادات ليسانس في الجزائر هي شهادات مهنية، والبقية ما هي إلا شهادات تعليمية لا علاقة لها بسوق العمل، على خلاف المغرب التي تعادل فيها الشهادات المهنية 70 بالمائة وتونس 85 بالمائة، الأمر الذي يفسر إحصاء نصف مليون بطال في الجزائر إلى غاية نهاية ديسمبر 2015.ويطالب التقرير الذي تسلمت "الشروق" نسخة منه، بجعل الشهادات الدراسية في الجامعات، تتماشى مستقبلا مع ما تتطلبه سوق العمل، إذا أرادت الحكومة التصدي لشبح البطالة وتقليصه، مع العلم أن نسبة البطالة لا تزال مرتفعة حتى في صنف الإناث، أين تعادل 17بالمائة، كما يؤكد التقرير أنه ما بين سنتي 2001 و2015 تم خلق 3.1 مليون منصب شغل بمتوسط 300 ألف وظيفة سنويا.
المصدر: جريدة الشروق
تعليقات
إرسال تعليق