عمــرون العياشي..قابض الضرائب الذي تجرع الظلم!
كان من المفروض أن يكون تاريخ 19جويلية 1998 بالنسبة للسيد عمرون العياشي، على الأقل، يوما للفرح والاستبشار. كيف لا وهو اليوم الذي بلغه فيه خبر تعيينه في منصب قابض للضرائب خلفا للقابض الذي أحيل على التقاعد، واختير هو لتولي المهمة مكانه. كان الأمر بالنسبة لهذا الأخير حدثا بكل المقاييس ونقلة نوعية في مساره المهني. كثيرون أسال هذا المنصب لعابهم، وقد يكون البعض شحذ “سيف” الوساطات والمعارف للحصول عليه، لكن وهو المؤمن بالنصيب، لم يكن له من وساطة سوى ما يحمل في القلب من حب للمهنة التي عاهد نفسه على القيام بها بكل نزاهة وشرف وال� �زام، في قطاعٍ العاملُ فيه كالقابض على الجمر.. من هنا تبدأ الحكاية ويا لها من حكاية.
عندما تتحول الإرادة في تحصيل أموال الدولة إلى تهمة
يبدأ عمرون العياشي في سرد تفاصيل القصة، وشعور الفرح الذي انتابه لدى تعيينه في منصب قابض الضرائب، والذي انقلب إلى مأساة لا تزال تداعياتها على مساره المهني وعائلته إلى حد كتابة هذه السطور، يبدأ بالتساؤل “هل هذا هو جزاء من يحاول جاهدا تحصيل أموال الدولة؟ أن يحارب في مصدر رزقه؟ ويسجن ويشرد أطفاله؟ ولا من منصف أو مجيب؟”، ويبقى المتهم حرا طليقا وأموال التجار والبارونات ملفات مؤشر عليها بعبارة “ممنوع الاقتراب”..
هذا ما حصل
يقول السيد عمرون “بعد حوالي شهر من استلام مهامي، بدأت في متابعة التجار المتأخرين عن تسديد الضرائب والرسوم، والذين عليهم ديون كبيرة تجاه خزينة الدولة، وكان من بينهم تاجر متهرب من دفع ديونه المقدرة آنذاك بأزيد من 2.4 مليار مع غرامة التأخير”. ويضيف “بتاريخ 26/08/1998 راسلت مدير الضرائب وطلبت منه تحويل ملف التاجر المذكور للمحضر القضائي من أجل الحجز على عقارات التاجر، وذلك طبقا للمادة 392 من قانون الضرائب المباشرة، كما أعلمته في نفس الرسالة بأن ابن التاجر إطار يعمل بمديرية الضرائب بولاية المسيلة، وطلبت توضيحا حول إمكانية متا بعته طبقا للمادة رقم 372 من قانون الضرائب. ولو أن عملية الحجز تمت ولم أتعرض للعراقيل من قبل لوبي الفساد بذات الهيئة وبعض التجار الرافضين لتسديد ما عليهم من مستحقات، لكانت أول عملية تقوم بها إدارة الضرائب، وهذا ما كان يخاف منه الكثير”.وبتاريخ 01/06/1999، تحرك المدير بشكوى ضد التاجر المذكور إلى وكيل الجمهورية لدى محكمة المسيلة بتهمة الغش الجبائي، “بناء على ملف قدمته أنا بصفتي قابضا للضرائب، واقتصر عمل المدير على تمثيلي قانونيا فقط أمام القضاء، ويستشهد في هذا البلاغ بمراحل المتابعة التي قمت بها وبوثائق الإثبات التي جمعتها. وبتاريخ 18/04/2001، أدانت المحكمةُ التاجرَ وحكمت لصالح إدارة الضرائب بالمسيلة، كما أيد المجلس بتاريخ 23 /12/2001 الحكم المستأنف لصالح إدارة الضرائب، ومازالت القضية مطروحة أمام المحكمة العليا بالجزائر العاصمة، ومازالت أطراف تعمل عل� � التغطية على هذا الملف وحماية ابن التاجر من أي تبعات إلى غاية اليوم، كل هذا لأجد نفسي بتاريخ 24/02/2001 موقوفا تحفظيا بسبب تزوير كشف ضرائب لفائدة التاجر المذكور الذي كنت أتابعه بتهمة الغش الضريبي، وتمت معاقبتي من طرف اللجنة التأديبية بالمسيلة بالتنزيل في الرتبة، قبل أن تتم تبرئة ساحتي من طرف لجنة الطعن الجهوي بسطيف وإلغاء العقوبة الصادرة ضدي، لأضطرر بعدها لتقديم استقالتي في 2004 تحت ضغوط نفسية ومعنوية ومضايقات بعض الإطارات التي دفعتني للاستقالة. فتحت بعدها مكتبا للمحاسبة، رغم ذلك لم يتركوني في حالي، وأصروا على محاربتي في مصدر رزقي”.
ويسترسل عمرون في هذه النقطة “بتاريخ 20/08/2005 وردت إلى النائب العام رسالة مجهولة مسجلة تحت رقم 12585 تتحدث عن كشف الضرائب المزوّر المسلم للتاجر المذكور، واتهمت إطارا بالضرائب والمحقق الجهوي في سطيف بأخذ مقابل، وتم التضحية بقابض الضرائب وعواع المدني بالمسيلة، وتبين بأن الملف الخاص بالمتابعة التي قمت بها ضد التاجر ودليل متابعتي له قد اختفى من مكتب المدير الولائي للضرائب ولم يعد له أثر هناك!
وبتاريخ 18/03/2006 أرسل أمن المسيلة تقريرا بخصوص التحريات المتعلقة بكشف الضرائب المزور المسلم لذات التاجر، وخلص تقرير الأمن إلى تورط هذا الأخير في عملية التزوير، وحمّل مديرية الضرائب مسؤولية التماطل في عملية الحجز على عقاراته، كما لم يتم تحميلي أي مسؤولية في هذه القضية إطلاقا”
“ومع ذلك جعلوني مزوّرا..”
“رغم كل هذه التواريخ والشواهد، ورغم كل الأدلة والوثائق والبراهين، انقلب كل شي ضدي.. تقرير من مصالح الأمن مؤرخ في 18/03/2006 تحت رقم 3398 الخاص بكشف الضرائب المزوّر لفائدة التاجر المذكور، والذي سبق أن انتفت مسؤوليتي فيه، أصبحت بقدرة قادر أنا المزور وأنا من تماطل في عملية الحجز! هذا ما وصلت إليه التحقيقات التي استندت إلى شهادات إطارات من مديرية الضرائب بالمسيلة ضلَّلت المحققين وأعطت معلومات خاطئة وأخفت حقائق عمدا، من أجل اتهامي بالتزوير (الوثائق في ملف القضية بحوزتنا). هذه التصريحات الكاذبة كانت سببا في إدانتي فيما بعد � �ن قبل محكمة المسيلة في 07/02/2007 بتهمة تزوير كشف ضرائب التاجر، وعاقبتني بستة أشهر حبسا نافذا و15 ألف دينار غرامة. وبعد 13 سنة من توقيفي التحفظي بسبب هذه القضية، وبعد طعن للمحكمة العليا، تم تبرئتي من طرف مجلس قضاء المسيلة من تهمة تزوير الكشف، وبتاريخ لاحق تم تسليمي شهادة عدم الطعن من طرف ممثل إدارة الضرائب والنائب العام لدى مجلس قضاء المسيلة.“لهذا السبب طلبت الجنسية الإسرائيلية واللجوء للمغرب”
“القصة لم تنته لحد الآن، ومسيرة التشرد أنا وأطفالي لا تزال مستمرة، ومحاربتي في رزقي لا تزال متواصلة، فبتاريخ 29/01/2016 استقبلت من طرف النائب العام لدى مجلس قضاء المسيلة ومساعده النائب المساعد الأول، وتم سماعي في 4 محاضر. الأول يتعلق بالرسالة المفتوحة التي أرسلتها إلى الملك محمد السادس أطلب فيها اللجوء الإنساني بالمغرب، وتطرقت لها الصحافة المغربية، وأجبته بأنني فعلا كتبت رسالة في حسابي على الفايسبوك وتناقلتها وسائل الإعلام المغربية، وأنني جاد في طلبي وأنه في حالة لم تنصفني أي جهة سوف أضطر لمغادرة الجزائر لاستحالة ال عيش فيها، بسبب أن جهات إدارية بالمسيلة تحاربني في مصدر رزقي، وكان آخرها غلق مكتبي الذي كنت أسيره بقرار من والي ولاية المسيلة بإيعاز من مدير التجارة، بقرار تعسفي، وكذلك الظلم الذي تعرضت له منذ 2001.أما بخصوص طلب الترخيص للتجنس بالجنسية الإسرائيلية الذي أرسلته لوزير الخارجية الجزائري في أكتوبر 2007، والذي تزامن مع دخولي السجن بتهمة إهانة هيئة نظامية والبلاغ الكيدي، ودخلت السجن لثلاثة أشهر ثم أطلق سراحي وتمت تبرئتي من طرف مجلس قضاء المسيلة، فأجبته أن طلبي كان من أجل لفت انتباه السلطات العليا في البلاد إلى ما أتعرض له من ظلم منذ فيفري 2001 دون أن ينصفني أحد. أما بقية المحاضر التي تم سماعي فيها فكانت تتعلق بما تعرضت له من ظلم من قبل بعض إطارات الضرائب بولاية المسيلة، والمكيدة التي تعرضت لها وكانت سببا في تحطيم مساري المهني بعد 18 س� �ة عملت فيها بصفتي إطارا بإدارة الضرائب في المسيلة.
نداء لرئيس الجمهورية
“سيدي القاضي الأول في البلاد، رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، لقد كنت وعدتني في رسالتك التي وصلتني بتاريخ 28 جوان 2005 ودعوتني فيها إلى استنفاد جميع الطرق القانونية اللازمة وحتى القضائية إن استلزم الأمر، والآن وقد استنفدت جميع الطرق وأثبتُّ براءتي أرجو أن يُرد لي اعتباري كإطار مظلوم دفع 15 سنة من أجل الدفاع عن شرفه، لقد تم بتاريخ 16/09/2015 غلق مكتبي ومصدر رزقي الوحيد من قبل والي ولاية المسيلة، بناء على تقرير مديرية التجارة وبإيعاز من مدير الضرائب لولاية المسيلة. إنني اليوم في الخمسين من عمري وأعيل عائلة تتكون من 6 � �فراد، وإنني في حالة بطالة بعد هذا الإجراء التعسفي”المصدر: جريدة الخبر ليوم السبت 20 فيفري 2016
تعليقات
إرسال تعليق